فترة التكوين في حياة الصادق الامين
هذا الكتاب هو أحد الثلاثة عشرة مؤلفاً التي تركها الكاتب المصري، والتي أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الدينية الإسلامية كما في أوساط المفكريين العلمانيين، نتيجة للجرأة الكبيرة التي تمتع بها في إظهار طريقة تفكيره، وعدم إخفاء وجهة نظره، وتوجهه العلمي الاجتماعي في تناول وفهم ما جاء في صور القرآن الكريم، وفي ما تضمنته النصوص الدينية الإسلامية، والتي استند إليها لاستنباط حقائق أخرى توصل إليها بطريقته الخاصة.
هو "المفكر الحرّ والعالم الفذّ"، و"الكاتب الإسلامي المستنير" بالنسبة لأنصار التيار العلمي والذين إعتبروا كتبه "أهم الإصدارات العربية المعاصرة على الإطلاق"؛ وهو المفسد والكافر بالنسبة للمتشددين الإسلاميين، والذي رأى فيه علماء الأزهر خطراً على الدين، وأن على الحكومة معاقبته ومنع كتبه.
انطلاقاً من تطبيق نفس المنهجية العلمية الاجتماعية في رؤية الحدث الديني ودلائله التاريخية، واتباعاً لمنطقه الخاص، يضع الكاتب في هذا الكتاب تحليله ورؤيته الخاصة للفترة التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلّم، والتي سبقت نزول الوحي عليه في مكة المكرمة واستلام الرسالة، أي الفترة التحضيرية لنبوءته.
يبحث الكاتب في الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سادت في هذه الفترة التاريخية، كما يبحث في الوضع الاجتماعي والنفسي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويشرح علاقته بالسيدة خديجة رضي الله عنها ويبحث في الأسباب الكامنة وراء زواجها به، ومدى تأثير شخصيتها الفذة عليه، من الناحية العملية والنفسية والثقافية، وهي التي "عركتها الحياة وأنضجت رأيها وعمقت بصيرتها". إذ يشدد على أهمية خبرتها التجارية وثقافتها التي تأتت من ابن عمها ورقة بن نوفل والذي كان من الأحناف وكان يعرف العبرية وقد ترجم لها الكتب اليهودية، مما سمح لها بالإضطلاع على المعرفة وتقصي أحداث ذلك العصر. الشخصية الثالثة التي أعطى الكاتب لها الأهمية في هذه المرحلة من فترة التكوين، هي الراهب بحيري الذي تنبأ أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم هو الرسول المنتظر وذلك حين شاهده في قافلة تجارية كانت متوجهة إلى دمشق.
هي دراسة مبنية على الكثير من الجهد، ومدعومة بالمصادر من شتى الكتب التراثية والحديثة، وهو كتاب يحمل وجهة نظر مغايرة ومثيرة للاهتمام، وتستحق القراءة.
لا يوجد مراجعات