كواليتي لاند ؛ أرض الجودة (النوعية)

"هل فكرت يوماً، بأنه قد يكون من النعم، أن لا يعرف المرء تفاصيل شيء ما؟ بأننا نحتاج أحياناً إلى تلك المساحة من الحُرية، التي يمنحنا إياها المجهول؟ أعني، هل يُمكننا أن نكون أحرار حقاً، إذا تم قياس وتحديد كل شيء في حياتنا بدقة؟ كيف يكون الحال، إن عشنا في عالم مُرتب بدقة، ولكن بشكل خاطئ؟"
تدور أحداث رواية "كواليتي لاند" في المانيا –سابقاً-، كواليتي لاند –حالياً-، في مُستقبل قريب نكاد نشم رائحته ونرى أثاره المُختلفة مهما تلونت الطرق الخيالية التي استخدمها "مارك- أوفه كلينغ" ليصبغ حكايته الديستوبية

أبحث في "غوغل" عن شيء ما، أكتب جملة البحث، تظهر النتائج، التي أدناها في نهاية القائمة جملة تنبيه أن هذه النتائج جرى عرضها لي بناءً على أنشطتي السابقة وموقعي الجغرافي، وعليه يجري تخمين ما يهمني وينال إعجابي، وهو ما يمكن أن يقود في النهاية إلى وضع أشبه بالجلوس في قاعة مغلقة والتحدث والاستماع إلى صدى الصوت دون أية مؤثرات جديدة، فإذا كان شخص يتابع مواقع ويبحث باستمرار عما يخص أحد الأحزاب، فستُظهر له مواقع مثل "غوغل" أخباراً تتعلق بذات الحزب والتوجه.
هذا بالضبط ما تنبهنا رواية "كواليتي لاند" على م

بعدما تجاوزتُ الصفحة الخمسين، أدركتُ أنّي على موعدٍ مع أعجوبة، بعد المُنتصف، قُلت سَأخبر الطيورَ عنها، سأحدث الأشجارَ والسماء، بعد النهاية، فقدتُ حروفي، هكذا إذًا يَنقصُني تعلُم كل الكلمات البليغة في العالمِ لأكتب عنها، لكنّني وبكلماتي المعطوبة، سأحاول . .
مارك أوفه مذهل، يكتُب روايته بأسئلة تشبه الحروف، تجدُ في كل كلمةٍ سؤالَ، وفي كل سؤال صفعة، يكتُب الموت في سطر، وفي الأخر يضحك عليه.
صوّر لي مارك إعتقاد دائم عن عالم يفقد حمِيميته بأكثر الطرق قسوة ورعبًا؛ فأخذنِي من يدي لعالم لا أتمنى زيا

تبحر بك هذه الرواية إلى عمق المخاوف البشرية ولكن بشكل ساخر، فالآلات على وشك أن تصل الذروة في سيطرتها على كل شيء، والانتخابات الرئاسية في أرض الجودة تشهد تنافس بين جون الآلي والبشري كونراد الطباخ.

إن هذه الرواية تزعجك بقدر ما تضحكك، فكرة تدجين الإنسان عن طريق التقنية وترويض أفكاره عن طريق حصرها في سلوكه الاستهلاكي، تعبر الرواية الدستوبية عن تغول الرأسمالية الاستهلاكية، ففي عالم يوجد به روبوتات لها خصائص بشرية، يبرز السؤال الأهم، ما أهمية البشر؟ وكيف نتعامل مع هامش الأخطاء المتوقع منهم؟ ال

هل تدري ما الفرق بين
Equality
و
Quality
ليس الأمر بِبساطة حَرف أوَل مَحذُوف، ولَكِنها فلسفة مؤسِس (كواليتي لاند). إنَّها الفاصِل بين حلم الإنسانِية الدَهري لتأسيس مُجتمع قائِم علي الحقوق والعدالة والمساواة، تُصارِعُه أطماع السيطرة الإحتكارية والإستحواذ لدي أقلية بِدعوي الأحقية.
في واحِدة من كوابيس الديستوبيا يَطير بنا (كلينغ) نحو المستقبل القريب، لِنَحُط الرِحال في (كواليتي لاند)؛ مَدينة الجودة، حيث كُل شئ استثنائي.
سُرعان ما يَجذِبنا (كلينغ) بِبراعة لننخرط في حياة المدينة