تفاحة الفردوس تساؤلات حول الثقافة المعاصرة
اثنان يحكمان العالم الآن: التكنولوجيا والاستهلاك. في ظلهما تتحرك سياسة الدول الكبرى والبنك الدولي واقتصاد المعرفة والزراعة المعدلة وراثياً والمنظومات الآلية والمعلوماتية وثورة الاتصال وما يمكن أن تغيره في طريقة الرؤية والتفكير، والنظرة إلى البيئة والثقافة والمجتمع. وكلها يتمحور حول المردودية المادية التي أصبحت قوام الهيمنة والتفوق والاستئثار على المستوى العالمي العام. وهذا المنطق لا يعنيه من العالم سوى التحكم بالعالم حتى لو أصبح أنقاضاً.
لقد ظن الغرب أن نهاية الحرب الباردة هي نهاية لتاريخ وبداية لتاريخ آخر يتمثل في الرأسمالية المنتصرة. وفات المنتصرين أن إقصاء قسم من البشرية على حساب القسم الآخر لا يمكن أن يولد إلا مزيداً من الحروب والأهوال والعنف. وثمة هوة تزداد اتساعاً بين التقدم العلمي والتكنولوجي من جهة، والنزعة الإنسانية من جهة ثانية. أما الثقافة فتنحو في اتجاهات جديدة وتتحول، أكثر فأكثر، مادة للتسلية. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً: هل يستطيع المفكرون والفنانون والأدباء أن يغمضوا أعينهم عما يجري حولهم، خصوصاً على المستويين العلمي والتقني؟
يحتوي هذا الكتاب على جزء من الدراسات والمحاضرات والمداخلات التي كتبت على مدى سنوات طويلة، لا سيما السنوات الأخيرة، وينقسم إلى ثلاثة أقسام أساسية: القسم الأول يعني بتغير المعنى الثقافي في العالم وينطلق من تساؤلات تطول الثقافة بعامة، والثقافة العربية بخاصة. القسم الثاني يتناول تجارب بعض أعلام الثقافة، شرقاً وغرباً، كما يتناول ظواهر ثقافية وفنية مختلفة. أما القسم الثالث والأخير فيلتفت إلى ملامح من الأدب والثقافة في القارة الأميركية اللاتينية، ومن ضمنها الملمح العربي البعيد.
لا يوجد مراجعات