ريتشارد دوكينز عالم غير أفكارنا

في عام ١٩٧٦م نشر مُحاضِر في علم الحيوان بجامعة أكسفورد كتابه الأول. ونظرًا لتركيزه على النظر للحياة بعين الجين، ما لبث «الجين الأناني» أن أضحى كتابًا عظيم الشأن في علم الأحياء، وفروع المعرفة المماثلة، والمناظرات الفكرية الأوسع نطاقًا، زاجًا بمؤلفه إلى عالم الشهرة. ثم تابع ريتشارد دوكينز نشره لسلسلة من الكتب الأفضل مبيعًا على مستوى العالم، التي حازت على الإعجاب نظرًا لرؤيتها العلمية، وأسلوبها الأدبي الألمعي إلى أن بات دوكينز شخصية عامة ورئيسية، وعرفته الدوائر العلمية بدوره ذائع الصيت باعتباره مؤيدًا حماسيًّا للعلم وبطلا من أبطال المذهب العقلاني في كتاباته. ويعد دوكينز اليوم من أكثر المفكرين تأثيرًا على أبناء عصره في العالم. تعكس تلك النخبة من المقالات، التي توافق موعد نشرها مع مرور ثلاثين عامًا على إصدار كتاب «الجين الأناني»، إسهامات ريتشارد دوكينز وتأثيره كعالم، ونصير للمبدأ العقلاني، وكاتب، ومفكر. حرر هذا الكتاب كل من آلان جرافن، ومارك ريدلي، اللذان تتلمذا على يد دوكينز، وكذلك خبراء أجلاء في علم الأحياء. وتضم هذه المجموعة إسهامات علماء، وفلاسفة، وكُتاب، تكتنف صفحاتها تحليلات تأملية، وذكريات شخصية تجسد جميعها مدى عمق تأثير دوكينز — الممتد في علم الأحياء، والفلسفة، وعلم النفس التطوري، والحياة الاصطناعية، والاختلافات حول الدين — الذي يكشف لنا التطورات التي تمخضت عنها كل تلك المجالات. ولا يخلو كتابنا من خلافات نقدية صاغها العديد ممن تواصلوا مع دوكينز بمقالاتهم النقدية البناءة. لا تهدف هذه المجموعة الرشيقة المتنوعة إلى تسليط الضوء على تأثير أحد مفكري العصر الحديث فحسب، وإنما تبرز أيضًا بعض القضايا التي تمثل قلب المناقشات الفكرية الحديثة.