حب في جدة
"حب في جدة" الرواية الأول للكاتب "سليمان أدونيا" وهو من مواليد أرتيريا لأب أثيوبي وأم أريترية، يأتي إلى السودان بعد مذبحة أم هاجار عام 1976، حيث يمضي فترة من حياته في مخيم للاجئين في السودان ثم عاش فترة مراهقته في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، حيث تابع تحصيله العلمي هناك. وتمكن بعد ذلك من الحصول على اللجوء في المملكة المتحدة كمهاجر دون سن البلوغ، وكما يشير العنوان فإن الرواية تتناول قصة حب لشاب وفتاة التقوا صدفة فأحبوا بعضهما البعض، ولكن، هل يكون هذا سهلاً في مجتمع إسلامي له أطره الثقافية وقيوده المجتمعية؟
في هذا العمل يحاول الكاتب "سليمان أدونيا" أن يسلّط الأضواء على الواقع الحياتي المأزوم والمكبل بالرقيب وذلك عندما يغوص في كواليس الحياة الإجتماعية بأطرها الدينية التي تحدد للأفراد طريق حياتهم وأسلوب عيشهم. فيكتب عن "ناصر" اللاجىء الذي يعيش تحت عيون دوريات الشرطة الدينية في الشوارع، كذلك يصور الكاتب حال العمال الأفارقة المهاجرين إلى المملكة من تشاد وأفريقيا حيث تدور الأحداث في بداية تسعينات القرن العشرين، فيتوغل الكاتب في تفاصيل الواقع المعيشي بشكل جريء يتخطى فيه العادي إلى اجترار المسكوت عنه والذي سبق لأقلام سعودية روائية أن تطرقت إلى نفس الموضوع، مثل رواية بنات الرياض للكاتبة "رجاء الصايغ"، والتي كتبت عما يجري في حيوات البنات السعوديات وطموحاتهن في الخروج من الإنفلاق والمشاركة في الحياة الإجتماعية لبلادهن.
الجدير بالذكر أن "حب في جدة" قد ترجم إلى 20 لغة أجنبية واحتل مانشيتات أشهر الصحف البريطانية التي وصفت عمله الروائي "عواقب الحب في السعودية". وأخيراً يمكن القول أن هذه الرواية تتخطى بأهدافها قصة حب عادية بين شاب وفتاة في مجتمع إسلامي، وإنما محاولة لتشويه الثقافة الإسلامية لشعب كامل، له عاداته وتقاليده وأصالته، فالحب ليس محرماً في السعودية وإنما له قواعده ضمن إطار الشرع عن طريق الزواج بعيداً عما أقدم عليه هذا الشاب "ناصر" بالدخول خلسة إلى حرم النساء الذي تقطن فيه "فيور" حبيبته، وما ينطبق على مجتمع ما، ليس بالضرورة ملزماً لمجتمع آخر، لذلك فإن "فيور" لا تمثل الفتاة السعودية، ولا "ناصر" يجسد الشاب الغربي في مفهومه للحب وطريقة العيش ...
لا يوجد مراجعات