الاقامة في العراء
لا أعرف على وجه التحديد ما إذا كان الشاعر العراقي المقيم في ألمانيا خالد المعالي قد اختار عنوان مجموعته الشعرية الأخيرة"الاقامة في العراء"من طريق المصادفة البحتة أم انه تقصد فتح ذلك الجناس الناقص بين العراء والعراق على تأويلات شتى ووجوه شبه كثيرة. إلا أن القراءة المتأنية لقصائد المجموعة تزيل كل لبس يدور في ذهن القارئ وتجعله يدرك تماماً سر التشابه بين اللفظتين حيث يصبح الوطن رديفاً للمنفى وشكلاً من أشكال الضياع والتيه وساحة سائبة للقلق والفراغ والموت المجاني. صحيح أن المعالي لم يُقم صلة واضحة بين عنوان مجموعته وبين مكان الإقامة التي يقصدها، ولكن هذا اللبس بالذات هو بيت القصيد في المجموعة. فحين يصبح الوطن مساوياً للمنفى وحين يصبح كلاهما معاً موازيين للعلاء تصبح الحياة برمتها جحيماً لا يطاق ويتعذر على الانسان أن يجد موطئ قدم للسعادة أو الأمل. وإذا كان الشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا قد تحدث عن الإقامة في الأرض التي حرم منها طويلاً وعاد اليها في نهاية المطاف، فإن خالد المعالي لم يجد طريقاً ملائماً وممهداً للعودة، وحين فعل ذلك لأيام أو أسابيع وجد نفسه أمام وطن آخر يكاد لا يعرفه.
لا يوجد مراجعات