السيف و المرآة: رحلة في جزر الواق واق
يبدأ الشاعر السوري علي كنعان رحلته الى اليابان من تفسير غير قاطع لكلمة بلاد الواق واق وأصلها. ينطلق التساؤل من نعيب الغربان الباكر في الصباح، حتى يصل الى طاولة قسم اللغة العربية في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية التي درس فيها الشاعر السوري مدة ثلاث سنوات، إلى ان يصل نوتوهارا رئيس القسم إلى التفسير الأكثر إقناعا، وهو سفر الأجداد العرب بمراكب صينية وصياح البحارة بكلمة (wako) التي تعني باليابانية القديمة (القرصان) عند رؤيتهم للسفن اليابانية، معتبراً أن هذا ما اختزنته الذاكرة العربية ونسجت حوله الأساطير حول هذه الكلمة، وطبعت هذه التسمية لليابان في الأدبيات العربية.
على سلم من غيوم راودت أحلام السفر علي كنعان طفلاً، لكن رغم حفظه قصيدة حافظ ابراهيم “غادة اليابان”، الا ان خاطر زيارة اليابان لم يكن بباله يوما، ويعيد السبب الى أن “المثل الأعلى في تلك المرحلة كانت فيتنام ومسيرة الصين العظمى وطموحات تشي غيفارا”. ويعيد السبب في سفره الى بلاد الواق واق الى حالة “مشحونة بالغموض والشجون والمرارة، أشبه ما تكون بالهروب من واقع ثقيل لا يطاق”، الا انه أيضاً لم يكن يتوقع ان تكون “بهذا الشكل الجميل المدهش”، الامر الذي دفعه للتساؤل عن السبب “هل كنت مأخوذا بالمركزية الأوروبية من خلال دراستي للأدب الإنكليزي، وهل كانت صورة العالم تبدأ وتنتهي بين بحر العرب وشاطئ كاليفورنيا حيث مات عمي في ثلاثينات القرن العشرين بعد هروبه … من عيشة القهر والانكسار تحت حكم ولاة بني عثمان وسلاطينهم؟”.
حاول كنعان في رحلته جمع كنوز الشعر والأسطورة والناس من معايشة الواقع اليومي الحافل بالأساطير السحرية، غامزا من قناة فهم رحالة الغرب للشرق العربي التي لم يروا منها “إلا أجواء ألف ليلة وليلة”، ومعتبرا هذا “بالمنزلق العشوائي العقيم”. البوح لا يغيب عن الرحلة، ويكشف كنعان اكتشاف جسده المتأخر جداً وهو في السابعة والخمسين لمتعة الطعام والشراب، بعدما كان في صباه وطفلته مصابا بفقر الدم، ويقول لك (Oishii) “لذيذة” بعد وجبة سوشي أو ساشيمي.
لا يوجد مراجعات