رحلة حاج مغربي في زمن الحماية الفرنسية 1930
كتب إدريس الجعيدي الحفيد رحلته الحجازية هذه سنة 1930 معتبراً إياها تكملة لما سبق وكتبه الأمير شكيب أرسلان في رحلته المسماة "الإرتسامات اللطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف" التي وضعها في سنة 1929، ونشرت طبعة محققة لها في سلسلة رحلات الحج التي يصدرها مشروع "إرتياد الآفاق".
وما يجدر ذكره أن الحج كان يومها بمثابة منتدى تتوطد من خلاله سنوياً أواصر التعارف والتعاون والنضال ما بين المفكرين والعلماء العرب والمسلمين، فالأمير أرسلان أثناء رحلته إلى بلاد الأندلس سنة 1930 عرج على مدن شمال المغرب كضيف على رجال الحركة الوطنية في وقت كان فيه رجال الفكر ببلاد الشام يرحبون بإدريس الجعيدي ورفاقه المغاربة.
وهذه الرحلة لها ميزتها الخاصة لكونها لعالم مثقف سليل بيت علمي عريق في المغرب، فجده هو الدبلوماسي والرحالة المعروف إدريس الجعيدي الذي تعتبر يوميات رحلاته إلى أوروبا مرجعاً مهماً للتواصل الثقافي بين المغرب والغرب.
ومن ميزات هذه الرحلة التي بين أيدينا أيضاً أن صاحبها عرج خلال رحلته ذهاباً وإياباً على بلاد ومدن في المشرق العربي ووصف أحوالاً ووقائع ومناظر وعرضت له أو رآها واطلع عليها عن قرب، فضلاً عن أنه سلك طريقه إلى المشرق عبر أوروبا، وكان هذا الطريق مهجوراً من قبل الحجاج بفتوى دينية، فعرج، بعد خروجه من مدينة سلا بواسطة القطار، على الدار البيضاء، وعبر إلى مرسيليا، ثم أبحر قاصداً الإسكندرية، فالقاهرة والسويس بالقطار، فحبل طور بالعربة، فينبع بحراً، فالمدينة المنورة ومكة وجدة بالسيارة، ثم في طريق العودة جبل طور، وبيروت بحراً، ثم إلى دمشق بالقطار، من هناك سيقصد القدس عبر القنيطرة وطبريا والناصرية وجنين وصولاً إلى مقصده بالسيارة.
ومن القدس سيمضي نحو الخليل ونابلس ومنها إلى صيدا فبيروت بالسيارة أيضاً، ومن بيروت سيستقل الباخرة عائداً إلى المغرب عبر مرسيليا، ومنها إلى الدار البيضاء بالباخرة، وصولاً إلى مدينته سلا بواسطة القطار.
عمل ممتاز بذل محققه جهداً علمياً استحق عنه جائزة ابن بطوطة لتحقيق الرحلات.
لا يوجد مراجعات