ملحمة المفاهيم 3؛ بيان في لغة اللاهوت
في هذا الجزء الذي هو السابع في بيان لغة اللاهوت والثالث في ملحمة المفاهيم التي يكشف إبراهيم الكوني من خلالها لغز الطوارق الذي يكشف لغزي الفراعنة وسومر، في هذا الجزء يستهل الكوني بحرف الزاي المقابل لكلمة كيان، وهو الحرف الذي يقف في لسان البدايات على طرفي نقيض مع حرف قرين له في النطق، ولكنه بعيد عنه في المدلول، ألا وهو السين. ويقول الكوني بأنه وإذا كان الحرف الأخير قد ارتحل عبر لغات العالم لتأدية رسالة الجوهر، أو كلّ ما له صلة بالباطن، استعارة من لغة التكوين الحاملة لذخيرة الروح الإنسانية من خلال لسان الحرف الساكن الواحد، فإن حرف الزاي قد اختار أن يسلك سبيل المظهر في رحلة العرفان من خلال حمولته الدلالية كـ"كيان"، أو "كينونة".
ويشرح قائلاً بأنه ولمّا كان الكيان بطبيعته حاملاً لمبدأ باطني مستتر وليس مجرّد جرم أجوف، فلا بد أن يحتوي على سرّ آخر يصير له قريناً مكمّلاً يكون له بمثابة شرط وجود، عملاً بناموس واحدة الأضداد والمؤسس لأعجوبة الوجود، متابعاً بأنه ولو اكتفى العقل البدئي بتسمية الكيان بحرف ساكن واحد هو الزاي، وصرف النظر عن روح هذا الكيان المسمّى بحرف السين، لغابت القيمة من ساحة الدنيا، ولتزعزع تبعاً لذلك ناموس المغامرة الوجودية كلّها، ولكن عبقرية العقل البدئي لم تكتف بتسمية ما استظهر من لعبة الوجود (بحرف الزاي) بعد تسمية ما استتر (بحرف السين)، ولكنها أبت ألاّ تقرنهما باسمين متشابهين في موسيقى الصوت التي يسميها النحاة نطقاً، يقيناً من عبقرية هذا العقل بوحدتهما الشكلية، برغم تناقضهما موضوعياً. فالزاي الرمز الأبجدي هي كلمة "الكيان" التي ترد في لغة الطوارق من خلال ذلك الحرف، الزاي. وهكذا يتابع الكوني بحثه في بيان لغة اللاهوت وصولاً إلى لغز الطوارق الكاشف عن لغزي الفراعنة وسومر. إنها تجربة فريدة في اللسانيات والتي تفتح آفاقاً للباحثين للمضي أكثر في فهم الحروف ومدلولاتها الإنسانية بعمق لفهم تلك الحضارات واكتناه كنوزها اللغوية المعبرة عن ذاتها.
لا يوجد مراجعات